الابتكار الاجتماعي
قراءات سلوكية

مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 13

قراءات سلوكية

   رائد العيد

تفتقر المكتبة العربية للكتب في مجال العلوم السلوكية والبصائر السلوكية، ومع وجود مجموعة من الكتب في هذه المجالات، والتي نحاول التعريف بها في هذا المقال، إلا أن المكتبة العربية ما زالت بحاجة للمزيد من الدراسات والأبحاث والتقارير في المجال، وما هذا العدد إلا مساهمة يسيرة للتحفيز على الإنتاج والنشر.

الخروج عن القاعدة، ريتشارد ثالر

يروي هذا الكتاب رحلة اعتبار الاقتصاد السلوكي فرعاً من علم الاقتصاد ونموه الكبير، ومراحل دخول ممارسيه في الجامعات البارزة حول العالم، وكذلك دخول علماء الاقتصاد السلوكي وعلماء السلوك عامة إلى حلقات صنع السياسات. يحكي قصة هذا التحول أحد المساهمين الرواد فيها، ويصوغها من وجهة نظره  دون الاعتماد على جمع الأبحاث، إلا أن وجوده ضمن شخصيات هذه الحكاية يعطينا رواية حقيقية ومدهشة لكيفية حصول ذلك ،وشرح لنا بعض الأمور التي تعلمها خلال هذه الرحلة.

حمل الكتاب أفكاراً واقعية، تتداخل مع بعضها في أوقات وبسرعات مختلفة. كنتيجة لذلك إن البنية التنظيمية لهذا الكتاب تتبع في آن واحد التسلسل الزماني والمكاني.

يبدأ الكتاب منذ البداية، منذ أن كان المؤلف طالباً جامعياً يجمع لائحة بالأمثلة عن السلوكيات الغريبة التي بدا أنها لا تنسجم مع النماذج التي كان يتعلمها في الصف، يخصص القسم الأول من هذا الكتاب للكتابة عن السنوات الأولى في هذا المجال الجديد ويصف بعض التحديات التي شكلتها الأكثرية المشككة في قيمة هذا العمل، ومن ثم ينتقل إلى سلسلة من المواضيع التي شغلت اهتمامه خلال السنوات الخمسة عشر الأولى من مسيرته البحثية، مثل: المحاسبة العقلية، وضبط النفس، والإنصاف، والشؤون المالية، وهو يهدف بسرده هذا إلى شرح ما تعلمه وزملاؤه خلال هذه الرحلة، لنتمكن من استخدام هذه الرؤى في تحسين فهمنا للبشر.

التفكير السريع والبطيء، دانيال كانمان 

يأخذنا عالِم النفس المعروف دانيال كانمان في جولة سحرية داخل العقل البشري ويشرح لنا النظامين اللذين يحركان تفكيرنا: النظام الأول سريع وحدسي وعاطفي، وعادة ما يغيب عنه التحكم الواعي، في حين أن النظام الثاني أبطأ وأكثر تدبراً وأكثر عقلانية، وهو المسؤول عن اتخاذ القرارات الفردية التي تأتي بعد تفكير وتأمل، وهو يتعامل مع الأنشطة الواعية للعقل، مثل ضبط النفس واتخاذ القرارات ونصب التركيز على فعل ما.

يعرض كانمان الحائز على جائزة نوبل، الإمكانيات غير العادية للتفكير السريع، وكذلك ما ينطوي عليه من أخطاء وتحيزات، كما يميط اللثام عن التأثير الهائل للانطباعات الحدسية في أفكارنا وسلوكياتنا، ويوضح متى يمكننا الوثوق بانطباعاتنا الحدسية، ومتى لا يمكن ذلك، وكيف يمكننا الاستفادة من مزايا التفكير البطيء. كما يقدم أيضاً تحليلاً عملياً وتثقيفياً لطريقة اتخاذ القرارات في حياتنا العملية والشخصية على حد سواء، ويوضح كذلك كيف يمكن استخدام أساليب مختلفة للوقاية من زلات العقل التي كثيراً ما توقعنا في المشكلات.

يعد هذا الكتاب من المراجع المهمة في فهم عملية التفكير وعمل دماغ الإنسان خلال اتخاذ القرارات، مما جعله أحد أهم الكتب في العلوم السلوكية وتصميم البصائر السلوكية.

التنبيه، رتشارد ثالر وكاس سنشتاين

التنبيه هو تصميم الخيارات بما يغير سلوك الناس بطريقة متوقعة من دون منع أي خيار أو إدخال تغيير كبير على حوافزهم المادية والمعنوية. وهذا الكتاب هو العمدة في الموضوع، والذي سيغير طريقة تفكيرنا بشأن الاختيار، ويظهر كيف يمكن أن نؤثر في الناس، ونحسن القرارات المتعلقة بالصحة والثروة والسعادة. وباستخدام أمثلة تعليمية مستمدة من الحياة الواقعية.

ما من خيار يقدم بطريقة محايدة، كما يرى مؤلفا الكتاب ريتشارد ثالر وسنشتاين، والتنبيهات موجودة في كل مكان، حتى إذا كنا لا نراها. وتصميم الخيارات، الجيد والرديء، منتشر ولا يمكن اجتنابه، ويؤثر تأثيراً كبيراً في قراراتنا، فالسؤال إذاً: متى نحتاج إلى تنبيه في الاتجاه الصحيح؟ وكيف نفعل ذلك؟

يتطرق المؤلفان إلى مجالات كثيرة، كالادخار والضمان الاجتماعي وأسواق الائتمان والرعاية الصحية والزواج وكثير غيرها، ويؤكدان على أن مدى التطبيقات المحتملة أوسع بكثير من الموضوعات التي تمكنا من تناولها، ويأملان أن يدفع تصميم الخيارات وقوة التنبيهات الآخرين إلى التفكير في طريقة خلاقة لتحسين حياة البشر في شتى الميادين.

هذا الكتاب هو الذي أعلى من شأن علم الاقتصاد السلوكي، ولفت أنظار الحكومات والمنظمات بجدية إليه، خاصة بعد فوز أحد مؤلفيه -ثالر- بجائزة نوبل.

 داخل وحدة الحفز، ديفيد هالبيرن

يستعرض الكتاب قصة تجربة إنشاء فريق الرؤى السلوكية أو وحدة الحفز التابعة لمكتب رئيس الوزراء البريطاني، وهي تقريباً أهم وحدة خاصة بالموضوع، ويستكشف نتائج فريق أسند إليه ترجمة النظرية النفسية والنهج التجريبي إلى أعمال وسياسات يومية، من خلال تطبيق علم النفس والاقتصاد السلوكي على التحديات التي يواجهها العالم.

كما يوثق الكتاب بعض التجارب والمحن التي واجهت الفريق في أثناء مسيرته، بما في ذلك النضالات التي خاضها من أجل إقناع صناع السياسات الرئيسية، لأخذ النهج السلوكي على محمل الجد، والسباق المحموم مع الزمن، بغية الحصول على النتائج قبل أن ينفد الوقت أو رأس المال السياسي.

يتناول هذا الكتاب بطريقة شيقة قصصية أهم إنجازات الفريق السلوكي، وكيف استطاع تطبيق هذا المنهج الجديد داخل الحكومة ولأول مرة، حيث يُظهر الكتاب وبطريقة عملية كيف يؤدي تطبيق الرؤى السلوكية والمناهج التجريبية، وبأقل تكلفة ممكنة، إلى نتائج متطورة بوجه مثير للغاية.

كما يتضمن الكتاب قصصاً وتجارب ونصائح عملية، حول طريقة تطبيق السياسات السلوكية في القطاع العام، مستخدماً أطراً ومناهج طورها الفريق لأول مرة، وانتشرت بعد ذلك حول العالم منهجاً عملياً في تطبيق السياسات السلوكية.

 توقع لا عقلاني، دان آريلي

يشرح أستاذ علم النفس والاقتصاد السلوكي دان آريلي في هذا الكتاب الطرق غير العقلانية التي نتصرف على أساسها كل يوم، مثل: لماذا نقرر اتباع نظام غذائي ثم نتخلى عنه بمجرد أن نرى قطعة حلوى لذيذة؟ ولماذا يكون علاج الألم أكثر فاعلية عندما يعتقد المريض أنه أغلى ثمناً؟

عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرارات في حياتنا نعتقد أننا نتخذ خيارات ذكية عقلانية، ولكن هل نفعل ذلك حقاً؟ في هذا الكتاب يبطل آريلي الافتراضات الشائعة التي نعتنقها بطرق عقلانية على نحو جوهري، بداية من تناول القهوة وحتى التخسيس وشراء سيارة وحتى اختيار شريكة حياة رومانسية، فإننا نسرف في إنفاق المال ونقلل من تقديرنا للأشياء ونسوِّف باستمرار. فهذه السلوكيات المضللة ليست عشوائية أو تافهة، بل هي منظمة، ويمكن توقعها مما يجعلنا لا عقلانيين بصورة يمكن التنبؤ بها.

هذا الكتاب لكل شخص يريد فهم لماذا ننغمس في سلوكيات غير عقلانية؟ وطريقة تجنُّبنا لذلك، ولأي شخص يريد تعلم كيفية مواجهة عدم العقلانية الفطرية واتخاذ قرارات أفضل. أي شخص مهتم بعلم النفس الاجتماعي وسلوك الناس في اتخاذ القرارات عموماً، سيجد الكتاب ملهماً وممتعاً بقدر كبير. 

الاقتصاد السلوكي وتطبيقاته عالمياً، أحمد النجار

يبين هذا الكتاب مفاهيم الاقتصاد السلوكي وتطبيقاته العالمية، ويستعرض النماذج الدولية المختلفة لتأسيس وحدات توجيه البصائر السلوكية "وحدات الوكز"، ومتطلبات وخطوات إنشائها. كما يبين مجالات تطبيق البصائر السلوكية ويعرض ثلاثة أمثلة دولية لوحدات الوكز، والآثار الاقتصادية بعد إنشائها.

يعرض مستشار وزير المالية المصري السابق في هذا الكتاب بالتفصيل 40 حالة تطبيقية لاستخدام التصورات السلوكية موزعة على ثمانية قطاعات مختلفة، هي قطاع الصحة والتعليم والخدمات الحكومية والاتصالات والطاقة والأعمال وحماية المستهلك والخدمات المالية.

اختتم النجَّار الكتاب بالحديث عن دور الاقتصاد السلوكي في صُنع السياسات الحكومية بالدول العربية، وإلى أي مدى يمكن للتدخلات السلوكية المقترحة دعم السياسات الاقتصادية والرؤى الإصلاحية للبلدان العربية.

الاطلاع على التطبيقات المتنوعة يبين أهمية البصائر السلوكية وقيمتها في مختلف المجالات، وهو ما أؤكد عليه من عدم حصر دورها في صنع السياسات العامة كما يشيع عند بعضهم.  

فك الشيفرة، فيل باردن

يعرض فيل باردن في هذا الكتاب الرائد ما يقدِّمه علمُ اتخاذ القرار من تفسيراتٍ لسلوك المستهلكين الشِّرائي، وقيمة ذلك في مجال التسويق، ويسرد نتائجَ أحدثِ الأبحاث حول دوافع اختيارات المستهلكين، وما يحدث في المخ البشري في أثناء اتخاذ المشترين قراراتهم الشِّرائية. كما أنه يفكُّ شيفرةَ «الأكواد السرية» للمنتجات والخدمات ليفسِّر سببَ شراء الناس لها.

يقدِّم باردن إطاراً عملياً وإرشادات للممارسات التسويقية اليومية فيما يتعلق بكيفية توظيف هذه المعرفة لإدارةٍ أكثرَ فاعليةً للعلامات التجارية، بدءاً من الاستراتيجية وحتى التنفيذ وتطوير المنتجات الجديدة مع العديد من دراساتِ الحالة.

يوصى بهذا الكتاب للمتخصصين في التسويق والدعاية والإعلان، ومصمِّمي الويب، ومديري البحث والتطوير، والمصمِّمين الصناعيين، ومصمِّمي الرسوم، وفي واقع الأمر هو مهم أيضاً للراغبين في فهم العقل البشري وطريقة جذبه واستهلاكه، ومن ثم فهو مهم للعاملين في تصميم البصائر السلوكية ورسم السياسات العامة. 

أساسيات الاقتصاد السلوكي، عمرو عبد الملك

كتاب تأسيسي عن علم الاقتصاد السلوكي يوضح أساسياته ومكانته وتطبيقاته وأهم أفكاره وعلمائه. قُسم الكتاب إلى قسمين الأول يتحدث عن الجوانب النظرية للاقتصاد السلوكي، مثل ماهيته والفرق بينه وبين الاقتصاد وملامحه العامة ومدى ارتباطه بالعلوم الأخرى، كما يبيِّن نظرياته الرئيسية ومبادئه السلوكية وأبعاده الزمنية والاجتماعية.

أما القسم الثاني فهو مخصص للجوانب العملية وتوضيح آليات العمل في الاقتصاد السلوكي ومفهوم "الوكز" و"الحرية الأبوية" وآثاره الإيجابية وكيفية تطبيقه في المؤسسات.

يؤكد الكتاب أن الاقتصاد السلوكي هو طريق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، بسبب تطبيقاته المختلفة وآثارها الإيجابية.

معرفة الخلفية الفكرية والعلمية لهذا العلم تمهد الطريق لتطبيقات ناجحة في المجالات المختلفة وتحرير هذه المفاهيم من حصرها على القطاعات الاقتصادية، وتوسيع استخداماتها عن وعي ودراية.  

البصائر السلوكية وأثرها في صناعة السياسات، صالح الحموري وآخرون

المواكبة للتغيرات المتسارعة التي تمر بها الحكومات تتطلب مرونة السياسات التي تعمل بها وتقرها على شعوبها، مما يستدعي استثمار المنهجيات والأدوات المناسبة لذلك، كالبصائر السلوكية.

جاء هذا الكتاب لتسليط الضوء على دور البصائر السلوكية في تصميم السياسات العامة، مع التركيز على دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال ثلاثة فصول.

بدأ الفصل الأول بتمهيد عن صناعة السياسات العامة، وتوضيح المفهوم ونشأته، وأدوات وضع السياسات الناجحة، وانتقل الفصل الثاني إلى تعريف البصائر السلوكية ونشأة مراكز البصائر السلوكية ومنهجياتها وكيفية توظيفها في رسم السياسات العامة مع استعراض بعض التطبيقات من العالم، وخصص الفصل الثالث للتطبيقات العملية في دولة الإمارات في مجال التعليم والصحة، وأهم التجارب المتميزة المطبقة، مثل تفعيل البصائر السلوكية لتعزيز فاعلية التزام المرضى لحضور المواعيد العلاجية.

الكتاب مؤلف بطريقة تعليمية ومعزز بالرسومات والألوان، مما يجعله مناسباً للبداية في هذا المجال.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...